مجتمع

العثور على “مئات الدولارات” في “باتوليه” الجنوبية.. و”يا فرحة ما تمّت”

يتزايد حمل الأعباء المعيشيّة على اللبنانيين، كلّما مضت المزيد من الأيّام وربّما الأشهر هباءً، في حين أن السلطة اللّبنانيّة عاجزة عن إيجاد حلول انقاذيّة للوضع الاقتصادي الراهن. أمّا المواطن، فيتوه بين سعر صرف حدّدته الدولة للمصارف، وسعر صرف آخر تمامًا يتلاعب به تجّار السوق السوداء، دون حسيب أو رقيب، رغم أنَّ أماكن تمركزهم بات معلومًا للجميع، بل يمكن اتخاذها كحيثيّات استدلاليّة لأماكن أخرى في المنطقة.

وفي ظل الحديث عن مخاوف قد تودي بالمواطنين إلى هاوية معيشيّة، تطال أبسط حقوقهم الإنسانيّة، وجد مجموعة عمّال وسادة مليئة بالأوراق النقديّة من فئة “مئة دولار أميركي”، مرميّة في مكبٍّ نفايات بلديّة “باتوليه”، وهي قرية تقع ضمن قضاء صور. إلّا أنَّ فرحتهم لم تكتمل حين اكتشفوا أنَّ الأموال محروقة وممزّقة بالكامل، ولا يمكن استخدامها بأيّة حال من الأحوال!

وفي التفاصيل، يقول أحد العمال في الورشة حيث تم العثور على الوسادة المليئة بالدولارات الممزقة، لـ”أحوال”: “كنت أحفر بعض الرمال بالجرّافة لبناء جدار حول إحدى البساتين، حين لاحظت وجود وسادة بين الحجارة سقطت أرضًا وتساقطت منها حفنة دولارات، فكان المشهد مفاجئًا للغاية وللوهلة الأولى لم أستوعب ما رأيت، فهلعت والعمّال نحو تلك الوسادة ورحنا نردّد “دولارات دولارات”، لكن فرحتنا لم تكتمل، إذ اكتشفنا أنّ المبلغ الموجود في هذه الوسادة يصل حد العشرين ألف دولار، لكنّها جميعها ممزّقة ومحروقة وغير صالحة للاستهلاك”.

يحدّثك العامل عن الأمر وكأنّه حلم كاد أن يتحقّق، إلّا أنّ “الحظ” أبى ذلك، على حدّ تعبير أحد الشبّان في الفيديو: “اللي ما إلو حظ، ما إلو حظ”، مخاطبًا زميله بالقول: “قدّيه يوميتك إنت؟”، في إشارة للحديث عن مدى الخيبة التي شعروا بها كعمّال لا يتقاضون إلا القليل يوميًا، إذ يتوقّف تأمين أجرتهم اليوميّة على ظروف الطقس ورغبة صاحب العمل، في حين أنّهم يقفون أمام أموال كثيرة، لن تنفع للاستخدام”.

القوى الأمنيّة تحقّق في الأمر

أدلى العمّال بشهادتهم بعدما تواصلت معهم القوى الأمنيّة، إثر انتشار مقطع الفيديو في القرية، بهدف معرفة حيثيّات القصّة، وكان قد أكّد “العامل في الورشة” لموقعنا أنّهم لم يبادروا إلى التبليغ لأنّهم ظنّوا أن نشر الفيديو سيكون بمثابة ذلك، مضيفًا: “حتى هذه اللحظة، لم يدّعِ أحدًا امتلاكها أو فقدانه لمثلها، فالمكب الذي وُجدت فيه الأموال مغلق منذ أكثر من 8 أشهر، والوسادة كانت تحت التراب، مرجّحًا أن تكون تلك الأموال مطمورة منذ سنوات عدّة، وبفعل حرق المكب بين الفينة والأخرى، احترقت الأوراق وتُلفت”.

وفي هذا الصدد، أشارت القوى الأمنيّة لـ”أحوال” إلى أنّها تواصل التحقيق في الأمر، حيث قامت “بكشف حسّي” على مكان الحادثة ليلة انتشار الفيديو ووجدت المزيد من الأموال، إلا أن قيمتها لم تصل حد المبلغ الذي وُجد في الوسادة، مؤكدة أن المبلغ كبير بالفعل ليس مزوّرًا. هذا ولفتت القوى الأمنية إلى أنها لم تتلقَّ أي تبليغ عن أموال مفقودة في تلك المنطقة ضمن الفترة الزمنيّة السابقة.

رئيس بلديّة “باتوليه”: الأمر لا يستحق “الضجّة”

وضمن الإطار نفسه، أكد رئيس بلديّة “باتوليه”، رؤوف فرحات، لـ”أحوال”، أنه لا يملك أي معلومات عن الموضوع سوى أنّ القوى الأمنيّة تحقّق في الأمر، معتبرًا أن الحادثة لا تستحقّ هذه “الضجّة”، فالأموال قد تعود لشخص وافته المنيّة منذ مدّة زمنيّة كبيرة، خصوصًا أنها أموال متلفة ولا يمكن صرفها أو التعامل بها.

ولكن ماذا لو أنَّ هذه الأموال تعود لمواطن لا يزال حيًّا ويعيش الضائقة الاقتصاديّة التي يعاني منها اللبنانيّون؟ ماذا لو أنَّ المبلغ يعود لمواطن سُرق منه لأي سبب كان، ودُفن في قرية بعيدة لم يصلها بلاغ عن فقدانه لها؟ وفي حال كان صاحب هذه الأموال قد دفنها بنفسه، فلماذا اختار الرمال ملجأً لها؟ وهل ثمّة أسرار تُخفّى وراء القصّة؟ سيناريوهات كثيرة تتبادر إلى الذهن، لكنّ الإجابة الحقيقيّة، تبقى رهن التحقيقات.

تيمة حطيط

تيمة حطيط

كاتبة وصحافيّة لبنانيّة، عملت كمعدّة ومقدّمة برامج ومراسلة في العديد من الفضائيّات العربيّة. ناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المهمّشين، وحقوق المرأة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى